الأربعاء، 24 أكتوبر 2012

أسامة انورعكاشة ( أبيض ، أسود )

رحل أسامه أنور عكاشه ! الله كم يثير اسمه الشجون !حياته ام حياتنا على البدري أم مأساة جيل الثورة,زيزينيا وليالي إسكندرية أم علآيل ابروف وخليل فرح وذاك الأحمد بدير الشيخ الذي خفق قلبه حبا بالبرنسيه كأروع ما يكون العشق والتصوف والخروج من حدود الجسد الضيق إلي رحاب الروح يحي الفخراني يتهكم علية هو مابيعرفش عربي وانت مابتعرفش انجليزي ومال بتفهموا بعض ازاي
"telepathy” فيجيبه
وأنا حينها صغير مغرم
بولوج المعرفة من خواتيمها كأنني في سباق محموم مع الزمن فاصطاد المصطلحات ثم يصيبني عسر الهضم المعرفي ..........رحل مبدع ليالي الحلمية الذي حكي عن مصر القرن العشرين فى تلك الحلمية التي شهدت ولادة على البدري فى واحده من نزوات ابن الباشا يحي الفخرانى ولد على عميقا كالظلم الاجتماعي الذي غرس فى أراضى الفلاحين الممتدة وأحياء القاهرة الضيقة كضيق طبقتها الوسطى آنذاك ،تموت عليا أم على مبكرا فتربيه انيسه يكبر على وتنضج أحلام الضباط الأحرار يسقط الملك ويشتد عود على الطري ليصبح من أبناء الثورة...يزوره والده سليم فيصطدم بصورة جمال عبدالناصر الذي صادر ممتلكاته ولا يجد سوى صوره بعيده باهته له فى ذاكرة ابنه على... تفتقت أحلام الشباب بمياه يوليو الدافقة.. تتسع الطبقة الوسطى مع التعليم الذي أصبح متاحا للفقراء وهنا أتذكر والدي الذي درس الطب فى الاسكندريه وهو يروى لنا كيف أن أستاذا كبيرا في الجامعة كان يسخر مما آل عليه حال الجامعة ويقول ساخر الله عليك يا عبدالناصر ابن العربجي على ابن البواب الكل يدرس طب....التـأميم ، تمكين الرأسمالية الغير مرتبطة بالاستعمار ثم العدوان الثلاثي السد العالي ،إنارة الريف المصري والإصلاح الزراعي لأنسنة حياة الفلاحين شيئا فشيئا...وهنا دور زهرة سليمان غانم لتحكي مأساة أخرى عن صراع التراكتور والثور... يحبها علي بجنون.. يتعلق بذاكرته التي لم تخونه تثقل علية الذاكرة وتفارقه حبيبته و بعد النكسة ويعود
درويشا باحثا عن خلاص الروح من هزائم الجسد هذا مايحدث حينما تنطفئ الشعلة في منتصف الطريق وتتركنا نعاني الضياع ....تعب يبدو جليا في صوته المثقل يبحث عن آمان لم يدم طويلا يكبر علي سريعا فى تلك الحلقات من المسلسل تختفي ملامحه القديمة مع الانفتاح الاقتصادي ...هل كان يعذب نفسه (الرأسمالي المعذب!) أنا ثم أنا ثم أنا لم تكن ألا قناعا ليخفى أنا وجراح الماضي ،زهرة وعبدالناصر نعم هذا ما لايكذبة صوته وتلك الآهة الحائرة العميقة فى صوته التي تأبى علينا ان نحاكمه بالسقوط ،رائع أسامة أنور عكاشة وهو يطلق العنان لخياله الخصب يحكي عن مصر المحروسة ،واثق ثقة المثقف بشعبه بتركه الباب مواربا لعلي البدري في الحلقات الأخيرة للمسلسل علي أيدي ابنة صديقه وهكذا تدور حلقات المسلسل المشحون بالأحداث ويدور معها شريط الذكريات وكأننا ولدنا قبل عام ولادتنا بالآلف الأعوام

شخبطة على دفتر غيابك يا أستاذ

كنا كسائر شباب ذلك العصر ..نستيقظ مبكرا للذهاب لمعهد الصناعات ..نعود في الظهيرة للبيت نغفوا قليلا  ثم نخرج في الليل  للهو ولعب الورق ...ظهر في حياتنا الحزب الشيوعي فغير مجرى حياتنا.
(قاسم امين )...

اي رحم حملك وهنا على وهن يا استاذ.. وانت من حملتنا وهنا على وهن لاكثر من اربعين عاما ...
ماذا اكتب ..ياله من امتحان صعب ان تكتب عن من كان بالامس بيننا كامل الدسم حاضر النكته ..ممتلئ الجراب ..
ونحن في المطار كتبت
من ارسى سفينة الرفاق بعد كربلاء قد رحل ..
في ليلة ظلماء من ليالي بؤسنا قد رحل ..
ياكل هذا العمر كيف بالله رحلت
نشتاق اليك كثيرا في هذي اللحظات ..
 واعلم انك لست هناك حيث اعتدت اراك..
ياعمقنا ودفئ حزبنا الحميم ..
انت الان على عتبات الباب ..
على صندوق محمول !
بالله تمهل ..لاتغرس فينا هذا الحزن
......... 
   هذا عام رحيل  النوارس ..رحل شاعر ومغني وسياسي ومفكر ..جمعتنا بهم اسهاماتــهم  في الحياة وفتحت آفاقنا نضالاتهم التي جعلت هذا الحزب ينبض بقضايا المستضعفين لسنـــــوات وسنوات الهمتنا شجاعتهم وعزيمتهم على مواصلة درب رفاقهم ورفيقاتهم ممن علقوا على اعواد المشانق او فارقوا الحياة في الزنازين ..
حكايتين تلاته عن زول تتكتب عنه الف حكاية ..."الله يرحمك"
    جمعتني بالاستاذ نقد ..لقاءات كثيرة من اجتماعات ,لقاءات على هامش بعض المناسبات من ليالي سياسيـة وغيرها من المناسبات العامه كنت على يمينه في المظاهرات التي  عرفت فيما  بعد بمظاهرات تعديـــــــل القوانين ..
      وقد كان ذلك اليوم درسا في القيادة  وادركت عمق فكرة اننا لانناضل بالانابة عن الشعب ولكننـــا نناضــل معه قبلها كان الامر ملتبسا علي بان الشعب تحركه القوة الاكثر تنظيما القوى الطليعية وبدى لـــي حيــــــنهـا دورها هلاميا ليس المقام مقام هذا التفاكر..
     في تلك التظاهرة اعترض الاستاذ نقد على  ذو النون المتحـــدث الرسمي باسم حركة /جيش تحرير السودان بقيادة مناوي اذ قال له بادب جم يا استاذ ممكــــــــن تتفضل مكتـــــب مناوي فوق لانه بقية قيادات المعرضة ماحضرت وتم الاتفاق على عدم خروجك فما كان منه الا ان قال له انا لم التزم امام قيادات المعارضة انا التزمت امام الجماهير الغفيرة الحاضرة بينا دي ..حتى ان الاستاذ نقد اعترض ان تكون هناك حماية له في الموكب كنت على يمينه حينما صوب علينا الشرطي البندقية واطلق الغاز المسيل للدموع حينها مع بعض الزملاء اقترحنا عليه ان نعود به الي داخل المبنى " يا استاذ ده استهداف لي موقعك في الموكب" وكان على يساره زميل  طبيب لا اتذكره جيدا , ومحمد محجوب واخرين...رفض بلهجة حادة ارجع واخلي الناس كيف؟؟.ما اصلهم حيضربونا بمبان في المظاهرة!!.اطلق الشرطي بتوجيه من الضابط ثلاث قنابل مسيلة للدموع وتكثف الغاز حتى صعب علينا التنفس حينها في هذه اللحظات بدات الناس تتفرق لتعاود الكره من جديد ..هنا اصطحبنا الاستاذ لنمضي الي السيارة فرفض قاطعا ...في ايه مش حنطلع تاني!!!
    ذلك اليوم غادر نقد المكان بعد انفضاض التظاهره واذكر جيدا حينما خرج التفت حوله جموع الشباب بلافتات الانصار والختمية والحركة الشعبية تقديرا لهكذا قائد فيا رفاق ليس غريبا ان يجتمع جميع الشرفاء  لوداع من جسد معنى القيادة قولا وفعلا...
   في خارج السودان في الدوحة ابان مؤتمر الدوحة في قطر....خصص فندق ريتز كارلتون لقيادات الاحزاب او مايعرف بالصف الاول كدكتور الترابي والوفد الرسمي للمؤتمر الوطني ود.تجاني سيسي وغيرهم ... الاستاذ سأل الراجل المسؤول عن الترتيبات الفنية للضيافة وهو قطري  واين ابناء وبنات"أهل المصلحة"  دارفور من قيادات قبلية وغيرها من المكونات الاجتماعية فعرف انهم على فنادق اخرى فأصر ان يغير حجزه الي فندق موفينبيك حتى يكون بينهم ويقضي الوقت بين الجلسات معهم وكان ذلك  وكنا كثيرا  نمضي لاصطحابه من هناك فنجده يجلس بينهم في باحة الفندق بين حديث جاد ،اطراق في صمت ،حوار بين أصدقاء وضحكات تضفي على المكان مناخا مختلفا ...
   عرف عن نقد انه لايتقيد بالشكليات.. الصف الاول او الصف الاخير وفي هذه طرفه ودرس ..انه وفي الجلسة الختامية وجد الترابي الكرسي المجاور له والمخصص للاستاذ نقد شاغرا فارسل حرسه الخاص اسمه عثمان ووجدني في اللوبي  وسالني عن الاستاذ فاجبته بثقة... بالتاكيد انه لم يتاخر في غرفته هو في القاعه ولكنه سيكون في اي كرسي اخر..واطرقت وقلت محدثا نفسي  هذا الرجل سيفنى حياته عن آخرها بصدق وتجرد نادرين ....

 ايها الجميل نحافة وخفة في الروح  ...
اليوم تذكرت اني وعدتك بان اصطحبك لاولاد البنا لكني لم افي بما وعدت فالمني ذلك كثيرا
ابراهيم صديقي وعصير فرش ..
ألمني جدا حين تذكرت ذلك اليوم .. كم كنت سعيدا بعصير فرش من محل في الخرطوم 2 ...وكم كنت سعيدا برفقة شباب غض ...حدثتهم عن الخرطوم في زمان ما جميل ..حين هممت بالنزول عن السيارة اغلقت الباب برقة شاعر وشكرتهم ب " كتر خيركم " دعوتم للغداء بالطريقة السودانية وانت كل سوداني اصيل ..
وانت تفتح باب غرفتك نظرة خلسة لتلك الغرفة....كيف عشت في الخندق بعمر بلد... بلا استراحة محارب ...كيف قضيت عمرا وحيدا بلا اهل او صديق ..على الف موعد مؤجل بالخطر, بالامن و بالعسكر ...كيف تبدو الذكريات... ذكريات نقد ...لن اقول راهبا او سجينا بحكم مؤبد ...فهذه حالة جديدة اسمها كيف ناضل نقد ...
بعض من رغيف متبق عن الفطور وكوب شاي هكذا طلب قبل بدء الاجتماع !
في السبعين من العمر يجالس شبابا في العشرينيات وبكل لطف يستمع وبكل صبر على مشاكساتنا يرد !
اعزرنا ان وخذناك بلؤمنا يا استاذ .....
وتدور كلماتك لتفعل مفعولها يا أستاذ ...تيرابك نبت ..وفي الخاطر منك كلمات
ادوا الزول فرصة يتراجع عن موقفه ...لاتستقرئ الاحداث كانها على صفحة كتاب ...اي زول عندو شئ يقدمو ....ابدوا بالفي ....نحن مابرانا في العملية السياسية ...نعرف حجمنا .. ما تلغوا عقول الناس الناس بتفكر...ماتتعجلوا النتائج ..ما تمِنوا على الشعب السوداني ..ماتحسموا القضايا الفكرية بالتصويت .....
......
اليوم.... كم كان المكان موحشا! ..بالامس كنت آتي مسرعا هاشا باشا...يا علي الاستاذ قاعد ..الليله قاااعد من قبيل ...خش عليه جوا ...ويــــــــن يا استاذ :) ..تعال تعااال بطل استهبالك ده وسؤال عن وعن ... تاااني يا استاذ ثم يضحك بصوت جميل ..شاي ومفكرة, علبة السجاير وجرايد اليوم.. يغمر المكان فيض من روحه الجميله فاذ كل اللطف ال في الدنيا بيننا ...وينك ياخلاصة الخير ال في الناس ...ذهبت ولم اجدك حتى اني لم اسأل عنك علي اليوم ..صدقت يادرويش "البيوت تموت اذا غاب سكانها " تجولت في ارجاء المكان ..مكثت قليلا وغادرت حزينا.. الموت كما الحب يغير الاشياء ...
الله يرحمك :)